أروى بريس
تعبر الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قبل أيام للجزائر، عن العزلة التي تمر منها هذه الأخيرة في قضية الصحراء، بعد المواقف الدولية المنحازة للحق المشروع للمغرب في صحرائه، خصوصا من دول كالولايات المتحدة ودول الخليج، وفتح عديد من الدول لقنصلياتها في المدن الصحراوية، وبعد الموقف الإسباني الأخير المساند لمغربية الصحراء، والذي أحدث صدمة لدى النظام الجزائري، دفعته للوقوع في ردود فعل متهورة.
فالجزائر ولأنها جعلت من معاداة المغرب محددا لسياستها الخارجية، فهي تبحث عن من يدعم موقفها هذا، وكذلك لخلق رأي عام محلي مؤيد للنظام المأزوم، بعد الانتكاسات الدبلوماسية التي تعرض لها خلال المرحلة الأخيرة، وهو النظام الذي روج كثيرا لمقولة العودة الدبلوماسية القوية للجزائر بعد انتخاب تبون.
ففنزويلا هي الأخرى تعيش عزلة دولية وتعاني أزمة اقتصادية كارثية، كما أن العلاقات المغربية الفنزويلية عرفت تدهورا منذ فترة الرئيس الفنزويلي السابق تشافيز، نتيجة للدعم الذي يتلاقاه الكيان الانفصالي من فنزويلا، موقف دفع المغرب لإغلاق سفارته هناك سنة 2009، وإعلانه دعم الخطوات التي أقدم عليها زعيم المعارضة الذي أعلن نفسه رئيسا لفنزويلا سنة 2019.
إن ما يهم تحرك الجزائر خارجيا ليس مصلحة الشعب الجزائري، بل مصلحة النظام العسكري المأزوم ومنطقه العدائي ضد المغرب، وهو ما يستشف مثلا من حجم التبادل التجاري بين فنزويلا والجزائر، وهو حجم ضعيف وضعيف جدا، وهو رقم لا يتطابق مع ازدهار العلاقات السياسية بين البلدين، التي عكستها كثرة الزيارات التي قام بها تشافيز خلال فترة رئاسته، والتي بلغت مع الرئيس الحالي مادورو ثلاث زيارات، وذلك على خلاف الزيارة التي قام بها مادورو إلى انقرة والدوحة والكويت، التي تزامنت مع زيارته للجزائر، حيث كان البعد الاقتصادي هو الحاضر في الزيارة وتم توقيع اتفاقيات مهمة في هذا المجال بين تركيا وفنزويلا، ولم تتم الإشارة قط إلى قضية الصحراء المغربية.
ان النظام الجزائري يسعى من خلال زيارة مادورو للحصول على دعم سياسي في قضية الصحراء للتغطية عن النكسات التي تعرضت لها الديبلوماسية الجزائرية في الفترة الأخيرة،
غير أن المغرب مطالب بتتبع ما يجري في امريكا اللاتينية بدقة، ممثلا في العودة القوية لليسار في تلك القارة، ما يقتضي تحركا ديبلوماسيا قويا لمواجهة خصوم المغرب، خصوصا فنزويلا التي ستسعى لدفع تلك الدول للإعلان عن مواقف مناهضة للمغرب.