أروى بريس
الرباط في 30 غشت 2022
الموضوع: رسالة مفتوحة من المنتدى المغربي للصحافيين الشباب إلى الزملاء أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
الزميل محمد ياسين الجلاصي، رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين؛
الزميلات والزملاء أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين؛
تحية طيبة وبعد،
انطلاقا من إيماننا بأخلاقيات وقواعد مهنة الصحافة كما هو متعارف عليها كونيا؛
وبناء على تشبثنا بمبادئ حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، بما يقتضيه ذلك من رفض قاطع لكل خطابات التحريض على الكراهية؛
واعتبارا لتمسكنا بمبادئ المسؤولية الاجتماعية للصحافيات والصحافيين، التي تلزمنا بالعمل من أجل توطيد وشائح الأخوة والتضامن، ومحاربة كل أشكال خطابات التفرقة بين الشعوب المغاربية، والمساهمة في إيصال المعلومات الصحيحة إلى المواطنين؛
واقتناعا منا بمبادئ النضال المشترك من أجل تعزيز الديمقراطية في الدول المغاربية، باعتبارها معركة كل القوى الحية في بلداننا؛
وبالنظر إلى فائق تقديرنا للعمل الذي تقوم به نقابتكم المحترمة، والمطبوع بمساهمتها المتميزة في الدفاع عن حقوق الصحافيين وعن قضايا حرية الرأي والتعبير، يسعدنا في “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب”، أن نتفاعل مع بيانكم الصادر يوم 29 غشت 2022، بخصوص ما وصفتموه بـ”الحملة الإعلامية الممنهجة التي تشنها عدد من وسائل الإعلام والمواقع المغربية ضد الدولة التونسية”، عبر تقديم التوضيحات التالية لكم:
أولا: يجب التأكيد والتوضيح أيضا، أن الوحدة الترابية لبلادنا ليست قضية الدولة المغربية لوحدها كما يعتقد أو يروج لذلك البعض، سواء بشكل مقصود أو لعدم دراية بتعقيدات النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية، وإنما هي قضية تحظى بالإجماع لدى كافة مكونات المجتمع المغربي. فالذود عن مغربية الصحراء، والتصدي بكل حزم لمحاولات المساس بوحدة المملكة، يوجد على رأس الأولويات التي يدافع عليها المواطنات والمواطنين المغاربة، وكل القوى المدنية والنقابية والسياسية الوطنية، وهو ما نتمنى من الزميلات والزملاء الإعلاميين والصحافيين في تونس تفهمه وأخذه بعين الاعتبار.
وبالتالي، فمن الطبيعي أن يصدم ويجرح الاستقبال الرسمي لرئيس ميليشيات جبهة “البوليساريو” الانفصالية من طرف رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، عموم الشعب المغربي وقواه الحية، لأنه يشكل إعلانا صريحا عن تخلي الرئيس الحالي عن حياد دولة تونس الشقيقة إزاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وانضمامه للمعسكر المعادي لبلادنا والمستهدف لوحدتنا الترابية، ودعما صريحا لكيان وهمي نعتبر بكل وضوح أنه يهدد السلم والأمن الإقليميين في منطقتنا المغاربية.
ثانيا: من خلال رصدنا للمضامين الإعلامية المرتبطة بهذه الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، لم نلحظ تورطا لوسائل الإعلام المغربية في أي حملة ممنهجة تستهدف الشعب التونسي الشقيق أو صورة بلادكم، وفي حالة وقوع ذلك فسنكون أول المنددين به. فالقنوات العمومية والمواقع الرقمية والإذاعات المغربية ووكالة المغربي العربي للأنباء…، لم تقدم سوى الأخبار المتعلقة باستقبال المدعو إبراهيم غالي، وتركت مجال التعليق مفتوحا لكل التيارات السياسية الحكومية والمعارضة، والهيئات النقابية والمدنية، التي عبرت عن مواقف رسمية بشأن هذا الحدث، بالإضافة إلى استضافة عدد من الفعاليات المجتمعية التونسية ونقل وجهة نظرها المنتقدة لخطوة الرئيس التونسي. على العكس من ذلك، وقع تحريف لترجمة كلمة الرئيس السينغالي، ماكي سال في القناة الوطنية التونسية، التي ألقاها خلال افتتاح قمة “تيكاد 8”.
أما فيما يخص الخطابات التحريضية، التي يتم ترويجها من طرف البعض، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في الضفتين المغربية والتونسية، فتبقى أفعالا مدانة يلزم على الإعلاميين التونسيين والمغاربة التنديد بها ورفضها.
ثالثا: إن انتقاد قرار الرئيس التونسي و”اعتباره مسا بمشاعر الشعب المغربي، وانحيازا لأعداء الوحدة الترابية لبلادنا”، لا يشكل في تقديرنا تدخلا في الشأن الداخلي للدولة التونسية، وإنما ممارسة عادية تدخل في باب حرية الرأي والتعبير كما هو متعارف عليها كونيا.
كما نعتقد أنه لا يجب توظيف مفهوم “السيادة الوطنية”، لمصادرة الآراء المنتقدة لخطوة الرئيس قيس سعيد، عبر محاولة فرض وجهة النظر الواحدة في الفضاء العمومي التونسي، إذ لا يخفى عليكم أن الدفاع عن تعددية وتنوع المواقف والآراء، جزء من نضالنا في المجال الإعلامي، هيئات ونقابات ومنظمات.
رابعا: إذا كانت نقابتكم المحترمة ترى أنه من حقها الدعوة إلى التعبئة من أجل “الدفاع عن مصالح البلاد الحيوية وسيادتها”، وهو أمر نعتبره مشروعا وطبيعيا، فإنها لا يمكن أن تسلب هذا الحق لزملائكم المغاربة، خصوصا وأن وحدتنا الترابية تعد القضية الوطنية الأولى لعموم الشعب المغربي، شريطة عدم الوقوع في كل ما يمكن أن يمس بمشاعر الشعبين ويهدد تماسك وحدتهما ويزرع الكره والعداء بينهما.
وإذ نقدم لكم كل هذه الملاحظات في إطار أخوي صادق، فإننا نتمنى أن تبقى جسور التواصل مفتوحة بين الزملاء المغاربة والتونسيين عبر هيئاتهم ومنظماتهم، كما نؤكد أن هذه الأزمة الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين لا يجب أن تؤثر على علاقات الشراكة المتميزة بين القوى الحية المدنية والحقوقية والمهنية بكل من تونس والمغرب، بما يخدم ترصيد مكتسبات البناء الديمقراطي في بلدينا.
كما أن تعقيبنا على ما ورد في بيانكم، لا يمنعنا من التأكيد مجددا على تطلعنا إلى العمل والتنسيق سويا في المستقبل في كل القضايا ذات الصلة بالمجال الصحافي إقليميا ودوليا، كما سبق وأن أكدنا لكم على ذلك.
وعلى أمل اللقاء بكم مجددا، تفضلوا بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.