أروى بريس – إسبانيا
تختتم جبهة البوليساريو الانفصالية العام بعدة جبهات مفتوحة على وقع أزمات مالية خانقة واخفاقات سياسية ودبلوماسية ومشاكل داخلية و حالة تشظي ارتفع معها منسوب التوتر داخل مخيم تندوف، في مقابل نجاحات دبلوماسية وتنموية مغربية لافتة خاصة في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
ومع تصاعد صراع الديكة داخل مخيمات العار للبوليساريو، يعكف جنرالات قصر المرادية في الجيش الجزائري مكلفين بملف الصحراء على إيجاد خليفة لإبراهيم غالي المنهك صحيا والملاحق في قضايا انتهاكات جسيمة ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية من خطف ونهب وتعذيب وقتل بحق صحراويين بعض من قضاياهم مطروحة حاليا في محاكم اسبانية.
وتأتي هذه التطورات بينما تستعد الجبهة لعقد مؤتمرها العام المقرر في ينايرالمقبل وهو مؤتمر مصيري بالنسبة لغالي الذي يفترض أن يغادر منصبه وهو أمر ستحسمه الجزائر في الغرف العسكرية المغلقة لجهة تحديد البديل القادر على إدارة أزمة البوليساريو ومشاكلها الداخلية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ويبدو حاليا أن الجزائر استنفدت ورقة إبراهيم غالي الذي أصبح منتهي الصلاحية بسبب المشاكل الصحية والقضايا التي تلاحقه في الخارج وهو أمر يحرج الحاضنة الجزائرية في كل الأحوال ويجعلها كمن يوفر غطاء لمجرم تنسب له انتهاكات واسعة بحق الصحراويين المحتجزين تحت حراب ميليشياته في تندوف.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، سافر وفد من المنظمة الصحراوية إلى روسيا بهدف الحصول على الدعم المالي والعسكري. ومع ذلك، اختارت موسكو التعبير عن حيادها في مواجهة الصراع في الصحراء المغربية. وكما أكد الكرملين بعد الاجتماع – برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بودغانوف وعضو أمانة البوليساريو خاطري عدو – تدافع روسيا عن “حل مقبول للطرفين في إطار الأمم المتحدة”. وبهذا المعنى، وفقا لصحيفة العرب، لم تعد موسكو ترى البوليساريو بنفس الطريقة التي تراها بها الجزائر. وتشير الصحيفة العربية أيضا إلى العلاقات بين المغرب وروسيا.
يحافظ كلا البلدين على علاقات استراتيجية من أجل حماية مصالحهما. لهذا السبب، امتنع المغرب عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في الأمم المتحدة، على الرغم من أن هذه الخطوة، لم تؤثر على علاقات الرباط مع الولايات المتحدة وأوروبا لأن «كلا الجانبين أظهرا تفاهما». كما أن العقوبات لا تمنع الرباط وموسكو من مواصلة تطوير علاقاتهما. في الواقع، على الرغم من القيود المفروضة على الطائرات والسفن الروسية، لا يزال المجال الجوي المغربي مفتوحا للطائرات الروسية. كما توجد حوالي 10 سفن صيد روسية في المياه الإقليمية للمملكة. هذه التوازنات والجهود الدبلوماسية التي تبذلها الرباط تعمل على حماية السيادة المغربية وسلامتها، فضلا عن عزل البوليساريو دوليا .
كما مثلت القمة الأفريقية الأخيرة في الولايات المتحدة فشلا دبلوماسيا آخر للحركة الصحراوية. خلال الاجتماع لم يتم التطرق إلى القضية الصحراوية، ولا حتى من قبل رئيس الوزراء الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، الذي ركز على الطريق السريع بين تندوف والزويرات، وهو طريق يربط الجزائر بموريتانيا ويسمح للجزائر بالاقتراب من المحيط الأطلسي.
وتمثل هده الاخفاقات ضربة أخرى لآمال البوليساريو في أن تكون أراضي الصحراء الممر الذي يربط الجزائر بالمحيط الأطلسي”. وبالمثل، فإنه “يلغي أحد أهم الرهانات الجيوسياسية للبوليساريو ويقوض أهميتها كقوة ذات فوائد اقتصادية مهمة للجزائر”.
و كان أحد أكبر أخطاء البوليساريو هو الارتباط عسكريا بجمهورية إيران. حذر كل من سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، ووزير الخارجية ناصر بوريطة من التهديدات التي تشكلها الشراكة بين طهران والبوليساريو على المنطقة. هذه العلاقات لا تخلق مخاطر في شمال أفريقيا فحسب، بل تضر أيضا بالمنظمة نفسها. إن استخدام البوليساريو للطائرات الإيرانية بدون طيار يمكن أن يوفر للمغرب دعما دوليا أكبر.
بالإضافة إلى المشاكل الدبلوماسية التي تواجه البوليساريو، تعاني الحركة أيضا من انقسامات داخلية. ضمن هذا التحدي، فإن الشيء الأكثر بروزا هو الفجوة بين الأجيال بين الجانبين، أحدهما يريد استئناف الحرب والآخر يراهن على الدبلوماسية.
حتى أن أحد كبار المسؤولين في الجماعة اعترف بأن جيله “سيطر على جميع المناصب واستبعد الشباب على الرغم من تعليمهم وشهاداتهم الأكاديمية”. وأضاف أن “أبناء جيلي يسيطرون على جميع المناصب، من الأدنى إلى الأعلى”.
وأدت الخلافات بين الأعضاء إلى استقالات، مثل الشخص المسؤول عن شؤون الاتحاد الأوروبي، الذي استقال مشيرا إلى “اختلافات عميقة في الرؤية والأساليب والأدوات”.
في خضم كل هذه المشاكل يوجد آلاف اللاجئين الصحراويين الذين يعيشون حياة مزرية في مخيمات تندوف. وفي الآونة الأخيرة، حذرت الأمم المتحدة من الأزمة الإنسانية الرهيبة التي يواجهونها وتدهور الظروف المعيشية.