متابعة – يونس لقطارني
فالنسيا – أكد المؤتمر الوطني للفيدراليات الاسبانية للهيئات الدينية فييري الذي أختتم أعماله مساء أمس الاحد 26 فبراير 2023 بألزية فالنسيا أن منهج الوسطية و الاعتدال و النقاش و الحوار يمثل مشروعاً حضارياً للأمة يسري في العقول والوجدان بنور الإسلام السمح والسيرة النبوية العطرة.
وشدد المشاركون في المؤتمر الذي نظمه ليومين فييري بالتعاون مع مختلف الفيدراليات الاسلامية على ضرورة استكمال النموذج الحي، من خلال مشروع يجمع ولا يفرق، يعترف بالخصوصيات ولا يختلف في العموميات والمقاصد، وذلك لأن الغلو لا يولد إلا تطرفاً، كما أن الجفاء والانفلات يولد النتيجة ذاتها، وأسوأ أنواع التطرف هو الاستبداد بالرأي والاعتقاد باحتكار الحقيقة من طرفٍ دون آخر، والسبيل الصحيح للعلاج يتمثل بإتباع منهج الوسطية الذي نادى به الإسلام.
ودعا المشاركون إلى التلاحم والتراحم والمحافظة على وحدة الصف، وأي تفريط في الوحدة لن يؤدي إلا إلى الفتن والتمزق والضعف وذهاب الريح.
كما دعاء المشاركون إلى تجميع الصفوف بين كل مكونات الأمة مهما اختلفت الرؤى على تنوع توجهاتها الفكرية باعتبار أن هذه الأمة يجب أن تتهيأ لبناء مشروعها النهضوي الحضاري، وإصلاح النظام التعليمي والأجهزة الإعلامية لتقوم على أسس قويمة تتضمن توطين المعرفة وإنتاجها، وتربية الأجيال على ثقافة الحوار والتسامح والتعايش مع الآخر القريب والبعيد من منطلق أن مفهوم الوسطية يعزز الجوامع المشتركة للأمة، ويبني الشخصية الإسلامية القويمة المتوازنة على مستوى الفرد والجماعة.
وشددوا على دور الأسرة – على نحو خاص- في تعميق مفاهيم الاسلام والاعتدال في نفوس الأبناء وحب الآخرين والتعاون معهم. إلى جانب حرمة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، وأموالهم وأعراضهم مصانة بأمر الله ورسوله، وهذا ما تتحمل مسؤوليته جميع مكونات المجتمع.
وثمن في هذا الصدد رئيس فييري، منير بنجلون جهود المنظمين والمشاركين والتي كان لها الأثر الطيب في نجاح المؤتمر وماسينتج عنه من إسهام فكري مستنير على المستوى الوطني و المحلي .
إلى ذلك قال رئيس فييري أن المؤتمر كان مثمرا وجادا وناجحا وشكل إضافة نوعية إلى الأفكار والرؤى المتجهة نحو المستقبل.
وأضاف ” إننا وضعنا أسسا في هذا المؤتمر نرجوا أن نتمكن من تحقيق أهدافه في خدمة قضايا الجالية المسلمة بإسبانيا .
وأكد أهمية العمل الجاد من قبل كل أبناء الأمة بالمناصحة التي تجمع الشمل وتسير بالأمة نحو تجاوز حالة الافتراق، وكذا العمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية في كافة البلدان الإسلامية عبر الحوار الصادق والمخلص.
كما دعا إلى السعي من خلال كافة الوسائل لتطوير منظمة عمل الهيئات الدينية إلى وحدة إسلامية تكون أكثر تضامنا وفاعلية.
وكان المؤتمر قد ناقش من خلال جلسات متعددة مجموعة من أوراق العمل التي تضمنت التحديات و الاكراهات التى تواجهها الجالية المسلمة .
وتطرقت المناقشات إلى أهمية العمل الجاد والكبير في المجال التربوي لإعداد المجتمع وتنشئته وتفعيل دور المساجد التربوية والتعليمية في هذا الخصوص، والتعريف بالثمار الطيبة لثقافة الاختلاف، واتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل الأعلى للوسطية.
كما أكدت أهمية الحوار بين جميع أطياف الأمة الإسلامية، وضرورة إنتاج منهج وسطي يقتفي نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم حصر الوسطية في المجال السياسي فقط و إغفال بقية الجوانب الحياتية.
ودعت إلى إعطاء وزنا أكبر لقضية الإبداع، ودعم التوجه للجهاد المدني بالكلمة المخلصة والصادقة وتوجيه الطاقات نحو الإبداع الفكري والثقافي والعلمي والتقني وإعادة التوازن للعلاقة بين الفكر والعمل.
وشددت على ضرورة فهم الاختلاف والتنوع في الأمة كعامل حضاري يسهم في التراكم والبناء والثراء المعرفي والعلمي، وعامل استنهاض للتقدم ومغادرة الاستكانة والتخلف، ومراعاة واقع العصر وتطوراته.
ولفت المشاركون إلى الاهتمام بتصحيح النظر إلى قضايا المرأة والشباب ومعالجتها من منظور إسلامي وسطي ومراعاة تحقيق العدل والتوازن والبعد عن العنف وفهم دورهما الكبير والمؤثر في المجتمع وعدم التماهي والذوبان في الأجندات المستوردة في هذا الشأن.
وعبر المشاركون عن عظيم امتنانهم لما لقون من حسن الرعاية وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.