بعد نحو شهر من قرار السلطات الكروية الفرنسية إنهاء بطولة الدوري أواخر أبريل، ها هي معظم البطولات الأوروبية بصدد العودة للنشاط عقب توقف دام بين شهرين وثلاثة بسبب إجراءات الحجر المنزلي التي تم اتخاذها لوقف تفشي فيروس كورونا. وتبدو فرنسا كأنها “فشلت” حيث نجح نظراؤها، إذ إن الأندية الألمانية قد عادت إلى الملاعب، وتقترب البطولات في إيطاليا وإسبانيا وإنكلترا من معاودة مبارياتها.
يبدو مشهد كرة القدم الأوروبية تقريبا بصدد الاكتمال في التعامل مع تبعات فيروس كورونا، مع العودة التدريجية للبطولات الوطنية الكبرى، باستثناء فرنسا التي كانت الوحيدة بينها التي أنهت الموسم بشكل مبكر.
وبعد ألمانيا التي استأنفت نشاط البوندسليغا اعتبارا من 16 ماي، حددت كل من إسبانيا وإيطاليا وإنكلترا مواعيد رسمية أو مبدئية للعودة من دون جمهور، لتبقى فرنسا وحيدة تتفرج من بعيد بعدما قررت سلطاتها الكروية في نهاية أبريل إنهاء الموسم بشكل مبكر وتتويج باريس سان جرمان باللقب.
واختصرت صحيفة “ليكيب” الفرنسية على صفحتها الأولى الجمعة، واقع “ليغ 1” من خلال صورة تجسّد قرار الاستئناف للبطولات الأربع، وسؤال بالخط العريض في إشارة إلى التفرد الفرنسي بإنهاء مبكر “مثل الأغبياء؟”.
في الوقت الذي يأتي فيه عرض لأبرز التركيبات التي أتاحت للبطولات الكبرى العودة، وإنقاذ موسم 2019-2020:
ألمانيا بين الاقتصاد والصحة
كانت كرة القدم الألمانية أول العائدين إلى المستطيل الأخضر اعتبارا من منتصف الشهر الحالي، معتمدة بالدرجة الأولى على وضع صحي في خضم أزمة “كوفيد-19″، بقي أفضل نسبيا من دول كبرى أخرى، وعدد وفيات دون العشرة آلاف، مقابل عشرات الآلاف في دول أخرى في القارة العجوز.
لحظ المسؤولون السياسيون الألمان، في منح الضوء الأخضر لعودة المنافسات، البعد الاقتصادي لحرمان الأندية من عائدات المباريات والبث التلفزيوني.
ولقيت تحذيرات عدد من المعنيين بعالم كرة القدم، ولا سيما رئيس رابطة الدوري كريستيان سايفرت، من إفلاس بعض الأندية في حال عدم استكمال الموسم، صداها لدى المستشارة أنغيلا ميركل ومسؤولي المقاطعات الألمانية الـ16.
لكن هذه العودة لم تكن ممكنة في غياب البروتوكول الصحي الصارم الذي وضعته رابطة الدوري، وحددت بموجبه القيود على هامش التدريبات والمباريات، وصولا إلى شروط تصرف اللاعبين وأفراد الفرق خارج حدود الملاعب والتدريبات، لضمان عدم التقاط أي منهم عدوى “كوفيد-19”.
وإضافة إلى فحوص “كوفيد-19” التي سيخضع لها أفراد الفرق بشكل دوري، حددت الرابطة العدد الأقصى من الأشخاص الممكن حضورهم في الملاعب على هامش المباريات، وضرورة ارتداء كل الجالسين في جوانب الملعب الكمامات الواقية، وطريقة احتفال اللاعبين بالأهداف بشكل منع الاحتكاك المباشر.
إسبانيا: لغة واحدة بين الاتحاد والرابطة
على عكس فرنسا، لم تصدر أصوات عدة في إسبانيا تعارض استئناف نشاطات الليغا، على الرغم من أن البلاد كانت من الأكثر تأثرا بالفيروس لجهة الوفيات.
عدد محدود من اللاعبين أبدوا مخاوف من معاودة التمارين قبل استئنافها، كما مختلف الأندية، اعتبارا من النصف الثاني من ماي.
وعلى الرغم من الخلافات التاريخية بينهما، بدا رئيس الرابطة خافيير تيباس ورئيس الاتحاد لويس روبياليس على الموجة ذاتها خلال الأسابيع الماضية، ما أتاح التوصل إلى رسم خريطة العودة التدريجية، والتي يتوقع أن يكون موعدها 11 يونيو.
قرع المعنيون باللعبة جرس إنذار الخسائر المالية المحتملة للأندية في حال عدم استكمال المنافسات، والتي حددها تيباس بنحو مليار يورو.
وقال رئيس الرابطة عن الموقف الفرنسي الجمعة في حوار عبر تقنية الاتصال المرئي نظمته صحيفة “ماركا”، “في فرنسا، بدؤوا يندمون على قرارهم الذي أعتبرُ أنه تم اتخاذه بشكل متسرع جدا. بالنسبة إلينا، قرار مماثل كان ليعد كارثة”.
إيطاليا: مد وجزر…
كان القرار الإيطالي بالعودة من الأكثر تعقيدا، ومرّ بمراحل متعددة تراوحت بين التفاؤل من جهة أو احتمال إلغاء الموسم بالكامل من جهة أخرى.
بعد التشكيك واشتراط توفير السلامة الصحية قبل أي عودة محتملة، أعلن وزير الرياضة فينتشنزو سبادافورا الخميس الموعد الذي انتظره طويلا عشاق اللعبة: 20 يونيو تاريخ عودة منافسات الدوري، على أن يسبقها بأيام استكمال مسابقة الكأس.
وقال سبادافورا بعد اجتماع عبر تقنية الاتصال بالفيديو بمسؤولي الاتحاد الإيطالي للعبة ورابطة الدوري “أعطت اللجنة الفنية والعلمية موافقتها على البروتوكول (الصحي) وأكد لي الاتحاد أن لديه خطة بديلة وخطة بديلة ثانية. في ضوء هذه الاعتبارات، يمكن استئناف البطولة يوم 20 يونيو”.
والخطة البديلة هي صيغة تتمثل في إجراء أدوار فاصلة لتحديد هوية البطل، الفرق المتأهلة إلى المسابقتين القاريتين، والفرق الهابطة إلى الدرجة الثانية، وذلك في حال عُلِقَ الموسم مجددا، أو لم تُقم جميع المباريات.
ونوهت الصحف الإيطالية الصادرة الجمعة بالتعاون الوثيق خلال الأسابيع الماضية بين رئيس الاتحاد غابرييلي غرافينا ورئيس الرابطة باولو دال بينو، وإصرار الطرفين على عودة كرة القدم الإيطالية لما يشكله ذلك من دفع معنوي للبلاد الشغوفة باللعبة.
إنكلترا: عودة حذرة
قارب الدوري الإنكليزي الممتاز مسألة العودة بحذر تدريجي.
فالبطولة لم تقم أي مباراة من دون جمهور، واتخذت مباشرة قرار تعليق المنافسات في مارس الماضي، بعد نحو يومين فقط من استضافة ليفربول على ملعبه أنفيلد، أتلتيكو مدريد الإسباني في إياب الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري أبطال أوروبا، أمام أكثر من 50 ألف متفرج.
لكن الأندية الإنكليزية التي تستفيد من أكبر عائدات بث تلفزيوني بين البطولات الأوروبية الكبرى، وجدت نفسها أمام احتمال الاضطرار لإعادة نحو 762 مليون جنيه إسترليني (842 مليون يورو) من هذه الإيرادات، ما كان سيضعها أمام عقبات مالية هائلة.
وفي ظل انقسام الرأي العام بين دعم العودة، أو اعتبارها أمرا غير ضروري في ظل الوضع الصحي، ومخاوف بعض اللاعبين من استئناف التمارين، ومعارضة بعض الأندية لخطط العودة، توصلت الرابطة أخيرا إلى تحديد موعد مبدئي هو 17 يونيو، سيكون رهن ضمان كل الشروط الصحية اللازمة.
أ ف ب