سهام ايت درى -اروى بريس اسبانيا
لطالما كانت قضية الصحراء المغربية تثير جدلا واسعا، لكونها منطقة متنازع عليها من طرف الدول، تتواجد هذه المنطقة بالمغرب العربي وتحديدا في منطقة شمال أفريقيا، حيث يسيطر المغرب على جزء كبير منها، فيما تعتبرها دول أخرى بمنطقة مستعمرة في عملية تصفية الاستعمار، لذلك تسعى دائما كل من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي إلى إصدار قرارات لإيجاد حل نحو عملية تقرير المصير لسكان الصحراء المغربية. التي يحدها المغرب شمالا والجزائر شرقا وموريتانيا غربا تم المحيط الأطلسي جنوبا.
معبر الكركرات ..نقطة مشتركة بين المغرب وموريتانيا
يشكل المعبر الحدودي “الكركرات” المتواجد في أقصى جنوب إقليم الصحراء المغربية، أحد أهم التحديات التي طالت قضية الصحراء والوضع الإقليمي في شمال إفريقيا بوجه عام ، لما عرفه من تصعيد عسكري وتوتر سياسي بلغ أقصى مستوياته خلال السنوات القليلة الماضية، مما جعل هيئة الأمم المتحدة والأمين العام للأمم المتحد”كيم بولدوك” ومبعوثه ” كريستوفر روس يبذلون قصارى جهدهم لإقناع الأطراف بعدم فرض وقائع ميدانية جديدة.
شكل المعبر الحدودي الكركرات نقطة مشتركة بين كل المغرب وموريتانيا، ويعتبر أيضا المعبر الوحيد للحركة التجارية التي تربط بين المغرب وموريتانيا، وذلك الشريان الاقتصادي الذي يربط بين دول شمال إفريقيا دول الغرب الإفريقي، وهو المعبر الذي تمر منه البضائع والسلع المتجهة نحو موريتانيا ودول غرب الصحراء، وكما نعرف أن موريتانيا تعتمد في مخزونها الغذائي على ما تستورده من المغرب، شأنها شأن باقي الدول الإفريقية خصوصا مالي والكوت ديفوار والسنغال، كما يعتبر هذا المعبر “الكركرات” بمثابة البوتقة التي توصل بها الدول الأفريقية منتجاتها سوءا إلى المغرب أو إلى أوروبا السنغال مثلا تعتمد عليه في نقل فاكهة “المانجو ” التي تقوم بتصديرها إلى المغرب و إلى أوروبا ، وبالتالي فما يمكن قوله حول هذا المعبر هو أنه مركز مهم وله دور اقتصادي واستراتيجي بين هذه الدول.
وفيما يتعلق بدوافع تأسيسه فهو معبر فتح سنة 2001، بعد اتفاق بين المغرب، ونددت بوليساريو آنذاك هي والجزائر بأن هذا الأخير هو بمثابة خرق للقانون، بحكم أن الجزائر هي المستفيدة من غلقه لكونها كانت هي من تصدر إلى موريتانيا، لكن بالمقابل المغرب كان محاصر من جهتين، أولا لأن المنتوج الفلاحي وفير وثانيا المغرب يشكل بوابة أفريقا على أوروبا، وبالتالي هذا المعبر يسهل نقل البضائع الإفريقية نحو باق الدول.
وفي هذا الصدد يقول الباحث المغربي “كرم الدين حسين “أن البوليساريو قامت بالاحتجاج منذ سنة 2001، لكنها لم تجرؤ على القيام بأي عرقلة واضحة في المعبر، إلى غاية 2016 الذي بدأت فيه أولى ملامح تفكير الجزائر البوليساريو في إغلاق هذا المعبر، وتدخلت الأمم المتحدة مرة أخرى، عندما أراد المغرب أن يعبد الطريق التي تعبرها الشاحنات الناقلة للسلع والبضائع، والتي تبلغ مساحتها حوالي 5 كيلومترات بعدها ضلت الأمور متأزمة ، إلى أن أتت الأزمة الحالية حيت أدركت البوليساريو أنها قد خسرت كل شيء تقريبا خصوصا وأن المغرب افتتح حوالي 17 قنصلية ما بين الداخلة والعيون بالإضافة إلى سحب عدد من الدول الإفريقية اعترافها ببوليساريو ، مما جعل البوليساريو تظهر عارية أمام المجتمع الدولي، هذا ما دفعها للتفكير في حل يعيدها إلى الساحة، وبالأخص أن جارتها الجزائر تعاني من فراغ سياسي اثر الإطاحة بالرئيس بوتفليقة وغياب الرئيس تيون حاليا بسبب المرض، هذا ما أثر على البوليساريو فكان عليهم تحريك هذه القضية وإعادتها إلى أنظار العالم وقد اعتبرها على حد قوله أنها خطوة انتحارية من البوليساريو.
العلاقات بين الدول ..لا محبة دائمة ولا عداوة دائمة إنما المصالح هي الدائمة
كما هو متعارف عليه في تاريخ العلاقات بين الدول دائما ما كانت تحكمها المصالح، وهذا ما رأيناه في قضية الكركرات فكل الدول اصطفت جانب المغرب، لأنها تعرف أن مصالحها مع المغرب ، ولكونه أيضا هو الطرف الرابح في هذه القضية ، خير دليل على ذلك دول الخليج، منذ بدء الأزمة الخليجية كانت دائما قطر في معسكر والإمارات والسعودية في معسكر أخر إلا في قضية الصحراء اتفق الثلاثة على دعم المغرب .
وأضاف الباحث المغربي أيضا في هذه النقطة أنه في ليبيا أيضا قطر دعمت السراج برفقة تركيا، والسعودية بدورها دعمت حفتر حيث دائما ما يكون الاختلاف ، إلا في قضية المغرب فقد تم الاتفاق على قرار واحد ألا وهو الوقوف إلى جانب المغرب.
أما بخصوص موريتانيا يستطرد الباحث المغربي أنها اتخذت موقفا حياديا بحكم مصالحها الاقتصادية مع كلا الطرفين.