سعيد حطاب – أروى بريس
تؤكد بعض الدراسات التي أجريت على المغرب سواء في السنوات الأولى من الحماية الفرنسية أو بعد الاستعمار أن العلاقات اليهودية الامازيغية كانت مختلفة تماما عن العلاقات العربية اليهودية، لأن حياة اليهود في الأراضي الامازيغية كانت أكثر حرية وأكثر ديمقراطية واستقلالية من العرب، ووفقا لجون ديفيدسون في كتابه( ملاحظات مأخوذة خلال رحلات في أفريقيا ، لندن ، 1839)، فإن يهود الأطلس على سبيل المثال هم أعلى بكثير ، جسديا ومعنويا ، من إخوانهم المقيمين بين المغاربة، وكانت أسرهم عديدة ، وكل منهم تحت الحماية الفورية من البربر (السكان الأصليون لشمال إفريقيا) ،وكان لديهم أيضا شيخهم يهودي ، يتم عرض عليه جميع قضاياهم كما هو الشأن بالنسبة لإخوانهم الامازيغ ،عكس اليهود المقيمين بين المغاربة الذي كانوا خاضعين للشريعة الإسلامية ،ويضيف ريتشارد سون أن يهود الأطلس كانوا “يتمتعون بجميع سمات سكان الجبال يرتدون زيهم نفسه ، ولا يمكن تمييزهم عن جيرانهم الامازيغ.
ولعل الأسباب التي جعلت المفكرين يعتبرون وضع اليهود بين الامازيغ أفضل من العرب هو فكرة اندماج اليهود بشكل كامل في المجتمع الأمازيغي ، وتقاسم العديد من العادات فما بينهم.
وهذا إن دل على شيء انما يدل أن العلاقة التي تربط بين الامازيغ واليهود لم يسبق لها وجود في تاريخ المغرب وهو ما أكده حامي حمة الملة والدين جلالة الملك محمد السادس نصره في احد خطاباته بقوله “… أفرزت المملكة ألفا سنة من التعايش والتساكن بين البربر واليهود انصهارا لأنماط التعبير الثقافي تجلى على مستوى الزي والحلي بل احيانا تقاسم الأمكنة ذاتها من أجل أداء الصلاة والعبادة “،لذلك ينبغي النظر الى هذه العلاقة كما قال جلالة الملك “كأحد الدروس المشجعة لحداثتها الضاربة جذورها في التاريخ والذاكرة التي يتقاسمها البربر واليهود المغرب”، وهو الأمر الذي يستدعي على هذا التمازج بين الثقافتين ألا يموت بل يجب ان يستمر الى ان يرث الله الأرض ومن عليها، باعتبار هاتين الثقافتين تعتبر احدى اكثر التجارب روعة في التسامح والود التي عرفها تاريخ المغرب.
ولا بد من التأكيد على أن هذا التمازج بين الثقافتين لازالت راسخة في ذهن اليهود والامازيغ وينقلها جيل الى جيل اينما حلوا وارتحلوا حتى يومنا هذا.
وتماشيا مع ما تم ذكره ينبغي أن لا يفوتنا أن ننوه بهذا الخصوص الى ما أشار اليه اندري ازولاي مستشار صاحب الجلالة وسفير “التلاحم اليهودي الاسلامي” كما لقبته جريدة لوموند الفرنسية في احدى حواراته إذ قال ” اشعر أنني محظوظ كوني أقدم نفسي للمتحاورين معي كشخص غني بيهوديته وأمازيغيته، وبمسار يمتد لقرون من الزمن حيث تمتزج الثقافتان الاسلامية واليهودية“.