أروى بريس
على الولايات المتحدة وأوروبا استخدام المساعدات والتجارة للضغط على الرئيس التونسي، قيس سعيد حتى يعيد البرلمان ويتخلى عن أساليبه السلطوية.. سعيد أصيب هذا الأسبوع بالرعب عندما صوت البرلمان الأربعاء ضد استيلائه على السلطة، حيث كان التحدي جاداً بما يكفي لاستثارة رد فعل مشوب بالهلع من قبل قيس سعيد الذي أعلن حل المؤسسة التشريعية معلناً أن مساعي النواب للقيام بواجباتهم إنما هي محاولة للانقلاب.
ينبغي على إدارة باين وحلفائها الأوروبيين، الذين كانوا للأسف الشديد فاترين جداً في ردهم على التوجه الاستبدادي لدى قيس سعيد، أن يكونوا أكثر حزماً في المطالبة بإعادة البرلمان في الحال بكل ما منحه إياه الدستور التونسي من صلاحيات. يقول الرئيس إنه سيصيغ دستوراً جديداً ويخضعه للاستفتاء في الصيف، ولكن ينبغي أن يوضح له بأن المجتمع الدولي سوف يعتبر تلك الإجراءات غير شرعية ما لم يتم إقرارها من قبل السلطة التشريعية.
الشرعية هي الأساس. وكون قيس سعيد انتابه الفزع بسبب اجتماع عبر الأونلاين لمشرعين كان قد أصدر أمراً بتوقيفهم عن العمل إنما يؤكد أن المفتاح بيد السلطة التشريعية، ويستدل من رد فعله أنه فقد المبادرة. ولذا فإن الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية، التي تشكل معاً أكبر كتلة تقدم المساعدات لتونس وتتعامل معها تجارياً، أمامها فرصة سانحة للضغط على الرئيس حتى يبعث الحياة من جديد في جسد الديمقراطية التي خنقها بيديه. المساعدات والتجارة، وكذلك الحاجة الماسة لمساعدة صندوق النقد الدولي، ينبغي أن تكون جميعها مشروطة بإصلاح قيس سعيد لسلوكه.
رغم كل ما كان يشوبه من عيوب وقصور، كان برلمان تونس ناتجاً عن أنزه انتخابات تجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فعلى النقيض من إيران أو مصر لم يكن هناك وجود لثيوقراطي أو طاغية يزور الانتخابات في 2014 وفي 2019. وعلي النقيض من المجالس التشريعية في كل من لبنان والعراق، لم يصمم مجلس تونس بناء على محاصصة طائفية أو عرقية.
مثله مثل أعضاء البرلمان، اختير قيس سعيد في انتخابات حرة ونزيهة. بخلفيته القانونية الدستورية، أكثر ما جذب الناخبين إليه كان كونه سياسياً من خارج الأطر المعهودة. كان التونسيون يرجون أن يقوم بإعادة تنشيط الاقتصاد من خلال تجاوز الانسداد الحاصل بسبب الأزمة بين الفصائل الإسلامية والعلمانية في البرلمان وبسبب مقاومة النقابات المهنية للإصلاح.
في هذه الأثناء استمر الاقتصاد في التراجع ولم تصل بعد مساعدة صندوق النقد الدولي. ورد في ملاحظة بحثية أخيرة لمؤسسة مورغان ستانلي من أن تونس تواجه مخاطر العجز عن سداد ديونها في عام 2023.”