أروى بريس
لا تزال سياسة الهجرة الفرنسية الحالية تعيق دخول وسفر المواطنين المغاربة إلى البلد الأوروبي. بعد مرور عام تقريبا على إعلان باريس تخفيض التأشيرات إلى المغرب والجزائر وتونس، لا يزال سكان المملكة ينددون برفض الطلبات دون أسباب مقنعة.
حاول عاملون في القطاعين العام والخاص مثل المهندسين والأطباء والوزراء السابقين وكذلك الطلاب الحصول على تأشيرة فرنسية دون جدوى، الأمر الذي أثار غضبا في أوساط المجتمع المغربي.
لجأ العديد من المواطنين المغاربة إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم والتنديد بوضعهم. وقد انتشرت بعض القصص على نطاق واسع، بل ووصلت إلى أعضاء سابقين في الحكومة الفرنسية، الذين أعربوا عن تضامنهم مع المتضررين.
ناشدت سيسيل دوفلوت، الوزيرة السابقة للمساواة الإقليمية والإسكان في السلطة التنفيذية للرئيس السابق فرانسوا هولاند، السفارة الفرنسية في المغرب مرفقة قصة صبي يأسف لعدم تمكن والدته وجدته من حضور حفل زفاف أحد أقاربهما في باريس بعد حرمانهما من التأشيرة. “تفتقر الإدارة في بعض الأحيان إلى القلب ، ولكن هناك دائما أشخاص قادرون على حل المشاكل” ، كتب دوفلوت في تغريدة مشيرا إلى الوفد الدبلوماسي الفرنسي.
كما رددت وسائل الإعلام المغربية هذا الوضع ونددت بهذا “الإذلال”. فعلى سبيل المثال، تتهم صحيفة بلادي فرنسا ب “إذلال الوزراء المغاربة السابقين”، واستنادا إلى آراء مستخدمي الإنترنت المغاربة، تثير إمكانية فرض المغرب تأشيرات دخول على الفرنسيين الذين يرغبون في زيارة المملكة. ومع ذلك ، فقد أبلغت بعض وسائل الإعلام الفرنسية أيضا عن هذه المشكلة. فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة لوموند اليومية الشهيرة مقالا يتضمن شهادات للمتضررين تحت عنوان “لا يستحق فرنسا”. وفي التقرير، ذكرت الصحيفة أنه مع هذا الإجراء، يبدو الأمر كما لو أن “جدارا بين بلدين” قد تم تشييده.
و أشارت، نائبة اتحاد اليسار الديمقراطي، فاطمة الطمني، إلى أن فرنسا تتجه نحو تقليص عدد التأشيرات “دون مبررات معقولة، محاطة بمنطق غامض للغاية، خاصة في مواجهة تحصيل الرسوم والمبالغ المالية”.
و في السنوات الأخيرة، شهد المغاربة انخفاضا في التأشيرات الفرنسية. ووفقا لبيانات وزارة الداخلية الفرنسية، فقد قبلت في عام 2020 حوالي 98 ألف طلب مغربي، مقارنة ب 346 ألفا في 2019 و303 آلاف طلب في 2018 و295 ألفا في 2017.
إن موقف فرنسا، بالإضافة إلى تأثيره على المواطنين المغاربة الذين يرغبون في السفر إلى فرنسا، قد يضر بالعلاقات بين الرباط وباريس. في الواقع، يعتبر بعض المحللين والصحفيين المغاربة مثل محمد مأموني العلاوي من صحيفة العرب الوضع الحالي “أزمة دبلوماسية صامتة”.
وبالمثل، فإن هذه القيود تضر بصورة فرنسا الخارجية، خاصة بين دول المنطقة، كما يوضح المحلل الدولي المغربي هشام متود للصحيفة العربية. كما يشير معتد إلى أن هذه الإجراءات تعكس “حجم الفشل الكارثي للسياسة الفرنسية في إدارة ملف الهجرة”.
في سبتمبر 2021، قررت باريس تخفيض التأشيرات إلى البلدان المغاربية الثلاث بعد أن لم تقبل عودة مواطنيها الخاضعين لإجراءات الترحيل. ووصف المتحدث باسم الحكومة الفرنسية آنذاك غابرييل أتال هذه الخطوة بأنها “قرار جذري وغير مسبوق، ولكنها أيضا قرار ضروري”. اختارت باريس تخفيض تأشيرات الدخول للمغاربة والجزائريين بنسبة 50٪ والتونسيين بنسبة 30٪.
وجادل أتال بأن هذه الدول لا توافق على قبول مواطنيها، الذين “لا يمكنها دعمهم” في فرنسا. وردا على ذلك، وصف وزير الخارجية المغربي هذه الخطوة بأنها “قرار غير مبرر” “لا يعكس واقع التعاون بين البلدين في مكافحة الهجرة غير الشرعية”.