عبد العزيز سارت – بلجيكا
بعد قراءة متأنية لما ورد في مضمون الخطاب الملكي ل 20 غشت، تعبر التنسيقية الديمقراطية للشتات المغربي، عن مدى غبطتها و ارتياحها لما جاء فيه، و تعتبره ارتقاء في سلم العناية والاهتمام الدائمين لجلالة الملك بشؤون مغاربة الشتات. هذا و قد وجهت التنسيقية الديمقراطية للشتات المغربي إلى الديوان االملكي رسالة شكر و امتنان إلى جلالة الملك بهذه المناسبة، كما تم نشرها على نطاق واسع لما للمبادرة الملكية من أهمية.
و ننتهز هذه الفرصة، للتعبير مرة أخرى عن مواقفنا و التذكير بمطالبنا المشروعة، مركزين على حقوقنا السياسية و في مقدمتها المشاركة السياسية التي ينص عليها اليوم دستور البلاد و التي لا يجادل فيها إلا مكابر.
استهل جلالة الملك خطابه عند الحديث عن مغاربة المهجر بتوجيه تحية تنويه و تقدير إليهم على ما يبذلونه من جهود متواصلة للدفاع عن وحدتنا الترابية، كما نوه جلالته بارتباطهم جيلا بعد جيل، بالوطن و تعلقهم بمقدساته وحرصهم على خدمة مصالحه العليا. و جائت هذه الاشادة بمناسبة إحياء ذكرى لها قدسيتها في حرم الذكريات الخالدة في تاريخ الكفاح الوطني ألا وهي ذكرى ثورة الملك و الشعب. و لم يأت هذا الاختيار صدفة بل يحمل رمزية قوية اراد جلالة الملك أن يبرزها للتذكير و الإشادة بما يبذله مغاربة العالم في خدمة المصالح العليا للمغرب.
و بلغة التقييم و المحاسبة و استدعاء المسؤولية، و بجانب التنويه الملكي الذي حظي به مغاربة العالم، و جه جلالة الملك سؤاله إلى الدولة المغربية بجميع هياكلها و قطاعاتها ومستوياتها بأسلوب النقد و العتاب، مستنطقا إياها:
ماذا وفرنا لهم لتوطيد هذا الارتباط بالوطن.
و يمكننا تقسيم متن الخطاب الملكي إلى أربع مستويات.
1- المستوى التشريعي
من خلاله دخل جلالة الملك في صلب الموضوع بلغة المسائلة مستفسرا، هل الإطار التشريعي، و السياسات العمومية تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم. فإذا كانت وظيفة الإطار التشريعي هو سن القوانين و المصادقة عليها بعد مناقشتها من طرف البرامان بغرفتيه، يظهر جليا ان الدعوة الملكية موجهة إلى السلطة التشريعية لمناقشة كل القضايا التي تتعلق بمغاربة الشتات، و طبيعي ان تتم وفقا لدستور المملكة. و حيث أن خطاب 6 نونبر 2005 و دستور 2011 حسما في قضية المشاركة السياسية، فإن الإشارة إلى الإطار التشريعي تعني كذلك من بين ما تعنيه انه حان الوقت للتشريع في مقتضيات الدستور المرتبطة بالمشاركة السياسية لمغاربة الشتات، مراعين جميع الخصوصيات التي تتسم بها قضاياهم.
و قد اقتبسنا كلمتي حان الوقت من خطاب جلالة الملك لانها ذات دلالة استثنائية و تستفسر عن التأخر و الإهمال الذي طال هذا الملف، بلغة اللوم و عدم الرضا.
و هنا لابد، من باب التوثيق من الحديث عن الدور السلبي و المعارض للمشاركة السياسية لَمغاربة المهجر الذي أصبح الغاية الأولى و المهمة الاساسية لمجلس الجالية الفاشل.
مجلس لا نعرف عدد أعضائه و اين اختفت جميع لجنه، و لا نعرف كيف تصاغ فيه القرارات و متى تتم مناقشتها و المصادقة عليها، و كيف تصرف ميزانيته. و يشكل مجلس الجالية المغربية بالخارج الحزب المعارض و الرافض للمشاركة السياسية لمغاربة المهجر، و يعمل جاهدا من أجل وضع العراقيل تلو الأخرى و نشر تقارير واهية نعتبرها شهادة زور يقدمها، مقابل أجر سخي، بعض الباحثين بلا ضمير من حواريي و زبانية المجلس و الذين يأكلون من فتاته و لا يعصون له أمرا و يفعلون ما يومرون، حتى و لو جاء ذاك مناقضا لخطاب ملكي تاريخي و مؤسس و بنود دستورية واضحة تعترف بحق المشاركة و التمثيلية السياسية لمغاربة الشتات لا تنتظر إلا مبادرة تشريعية لتفعيلها.
2- المستوى التنفيذي.
و يتعلق الأمر بالسياسات العموممية, والمساطير الإدارية. و هنا دعا جلالة الملك إلى مراجعة و إعادة النظر في السياسات العمومية المرتبطة بمغاربة المهجر، و بالخصوص في الشأن الديني و التربوي و الثقافي. و نعتبر هذا المستوي ذا أهمية بالغة لأنه بعد أساسي في توطيد دعائم الهوية الثقافية الوطنية، و بالخصوص لذى شبيبة مغاربة المهجر، لتعزيز ارتباطهم بالوطن والدفاع عن مقدساته و قضاياه المصيرية. وحتى تكون هذه السياسات العمومية ذات نجاعة و مردودية يجب إشراك جمعيات المجتمع المدني الديمقراطي لمغاربة الشتات، المؤهلة لذلك، في جميع أطوارها و مراحلها،ابتداء من التفكير فيها و صياغتها و إعدادها و تطبيقها التطبيق الأمثل، و مواكبتها بالتقييم و المتابعة.
و لا يخفى على المتتبعين لهذا الملف الاستراتيجي الدور الأساسي الذي تلعبه الموارد المالية و البشرية و الأطر الكفئة من أهل الاختصاص. و لضمان نجاح هذا الورش و توفير جميع وسائل النهوض به، نعتقد أنه يجب إشراك عدد كبير من الأطر التي يزخر بها مغاربة المهجر في كل مراحل الورش الثقافي و الديني و التربوي. و في الوقت الذي تشهد فيه كثير من بلدان الاقامة تصاعد النزعات العنصرية و المعادية للأجانب و الثقافات الأجنبية و الاسلاموفوبيا و الحركات السياسية اليمينية المتطرفة، يفرض واجب الدفاع عن هويتنا الحضارية و الثفافية فتح باب الحوار مع الآخر المختلف لبناء جسور التواصل و الاتصال بقيم و ثقافات الحضارات الأخرى بالانخراط في المؤتمرات واللقاءات و الندوات و النشر في كل ما يخص حوار الحضارات و الثقافات و الأديان و العرقيات المختلفة للتقريب بينها.
ولهذه الأسباب كلها يجب استحضار الأهمية الكبيرة للإشارة الملكية إلى إشكالية الثقافة و التربية و الدين و كل ما يتعلق بالتأطير في هذا القطاع.
3– مستوى التنمية و الاستثمار و الكفاءات.
عند تناول الخطاب الملكي لهذا القطاع، أشاد جلالة الملك بما يتوفر عليه مغاربة المهجر من خبرات و كفاءات عالية بوأتهم شغل مناصب رفيعة و مسؤوليات كبيرة و استراتيجية في مختلف بلاد العالم، في القطاعين الخاص و العام على حد سواء، في ميادين الاقتصاد و المال و الأعمال و الصناعة و الفلاحة و التجارة والتسويق و التكوين الأكاديمي و البحث العلمي و الصحة و مختلف مجالات الاكتشاف و المنافسة الرياضية و الابتكار و الإبداع الفني و الأدبي الذي يشهد به لهم المتتبعين و أهل الاختصاص في كل بلدان الاستقرار.
كما دعا جلالته لإحداث آلية هدفها متابعة مراحل انجاز مشاريع الخبرات و المستثمرين من مغاربة المهجر و تسهيل إخراج مبادراتهم إلى أرض الواقع و تشجيع إنخراطهم في عملية التنمية و الاستثمار ببناء علاقة هيكلية معهم تشمل الشباب و المغاربة اليهود.
و اكد جلالته على دور المؤسسات العمومية و قطاع المال والأعمال و الأبناك و اتحاد مقاولات المغرب و طالب الجميع بالإنفتاح على مبادرات أبناء الجالية باعتماد آليات الاحتضان و الشراكة و المواكبة لمشاريعهم و فتح المجال لهم ليستفيدوا من فرص الإستثمار و التحفيزات و الضمانات التي يمنحها الميثاق الجديد للإستثمار. ومن الطبيعي، ان تقوم الدولة و كذلك القطاعات ذات الصلة بالمساهمة في تبسيط المساطير و إصلاح القضاء التجاري و إزالة العراقيل الادارية التي تساهم في إفشال مشاريع مغاربة المهجر. و تنيهم عن الاستثمار في وطنهم.
4- الاستجابة للمطالب المتجددة، و إعادة النظر في نموذج الحكامة.
بعدما تطرق الخطاب الملكي، إلى كل من البعد التشريعي و التنفيذي ثم القضايا المتعلقة بالإستثمار و الكفاءات و التنمية، ختم جلالة الملك خطابه بالدعوة إلى الإستجابة إلى المطالب المتجددة لمغاربة العالم و إعادة النظر في حكامة كل القطاعات ذات الصلة بهم. و نرى اليوم انه من واجبنا أن نثير الإنتباه إلى الاختلالات المتعددة و الأداء الكارثي التي يلاحق ملف شؤون مغاربة الشتات، على مستوى الوزارة الوصية التي توارت عن الانظار بسبب إهمال وزارة الخارحية لقطاع مغاربة المهجر، و اعتمادها منهجية تقنوقراطية إدارية عقيمة، و إحياء الوداديات السيئة الذكر على مستوى كثير من السفارات و القنصليات، و اعتماد أسلوب في التعامل يغيب فيه البعد الإنساني و الاجتماعي و الدراية بمشاكلهم و اوضاعهم. و قد ساهم هذا التهميش في إنزال وزارة الجالية منزلة المديرية دون أي ادنى اعتبار لعناية و اهتمام جلالة الملك بقضايا هذه الفئة من المواطنين المغاربة. و يثير انتباه الملاحظين و المتتبعين لوزارة الجالية افتقارها إلى الأطر الكفئة ذات التكوين المختص و التأهيل الجيد، حيث يتم توظيف جل موظفيها و بالخصوص على رأس الأقسام و المديريات و ما فوقها، بمنطق القرابة العائلية و الزبونية الحزبية و المحسوبية، فتبرز وزارة جاهلة بقضايا مغاربة العالم، مشاركة في تبخيس عمل الجمعيات الجادة و محاربتها و رفض تمويل مشاريعها و إقصاء نشطاء المجتمع المدني الديمقراطي المستقل من كل مبادراتها، و إقفال باب الوزارة في وجه ممثليها، مكتفية بإبراز فلكلور بيادق من الوداديات الجديدة القديمة.
بسبب الدور السلبي الذي لعبه و ما زال يلعبه القائمون على مجلس الجالية الذي أصبح اليوم ظاهرة صوتية و خشبة افتراضية للتنافس بين رئيسه و كاتبه العام، بعدما تم تغييب جل أعضائه و شل عمل كل لجانه و إلغاء المساطير المعمول بها في مجالس الحكامة الأخرى و تجاهل التوحيهات الملكية حيث باشر المجلس أعماله، منذ نشأته، بمنطق التسلط و الإقصاء و الزبونية و العشوائية. و من المؤسف ان يكتشف المجلس، بعد نوم عميق، دام ما يناهز أربعة عشر سنة ،و تحت ضغط أحداث معبر الگرگارات، ان هناك قضية مصيرية تسمى قضية الصحراء. و هنا وجب التذكير ان مغاربة العالم لو ينتظروا إشارة من المجلس للدفاع عن مغربية الصحراء. و نذكر بفخر و اعتزاز كبيرين، اننا في إطار شراكة جمعوية تحت لواء التحالف العالمي لمغاربة العالم حضينا برعاية ملكية تم بها تنظيم قافلة مغاربة العالم إلى الصحراء المغربية في نونبر 2005 بمناسبة الذمرى الثلاثين للمسيرة الخضراء.