حسن اليوسفي – أروى بريس
عاش المغرب على امتداد عقود من الزمن على وقع نقاشات عميقة بخصوص ظاهرة التماس الإحسان العمومي، ولمعالجة هذه االفة الخطيرة كان البد من القيام بتشخيص واقعي لكل الاختلالات التي واكبت هاته الاشكاليات المجتمعية، وانسجاما مع هاته السيرورة قام المشرع عبر عدة حقب سياسية بسن العديد من النصوص القانونية التي تكتسي طابعا متقدما غير أنه ورغم كل المساعي المبذولة ظلت جل المبادرات عاجزة عن تقديم إجابات حقيقية عن كافة التساؤالت العالقة .
وفي هذا السياق فقد حرص المشرع المغربي على إحاطة عملية جمع التبرعات العمومية بتدابير إجرائية دقيقة مستمدة من قواعد قانونية إذ تم منح سلطة الترخيص في هذا الشأن للسلطات إلادارية حيث نص القانون بشكل واضح وصريح على أن ألامانة العامة للحكومة وحدها من تملك صالحية البث في كل المساطر المعروضة عليها والتي تخص إلاجراءات المذكورة، وذلك وفقا لما أقره الفصل الاول من القانون المتعلق بالتماس الاحسان العمومي.
وبالنظر للممارسات المجرمة و الخطيرة و التي غالبا ما تورط فاعلين باسم جمعيات مدنية في أفعال تنطوي على جمع التبرعات العمومية خارج دائرة القانون ، إذ يتم تصيد فرص اللتقاط مشاهد مصورة و التي يتم عرضها عبر الوسائط الاجتماعية ، حيث يعمل مستغلي الاحسان العمومي في هذا الشأن على بث و ادعاء حاجة هاته الحالات إلانسانية و التي تعاني من ظروف العيش في وضعية هشة لدعم المحسنين لتجويد ظروف عيشهم في أوساط تحفظ كرامتهم ، و أمام هذا الوضع سعت الدولة جاهدة للحد من هاته الجرائم التي تقتضي المساءلة القانونية ، إذ منحت في هذا الصدد أحقية منح ترخيص لمزاولة هاته العمليات لألمانة العامة للحكومة.
ومن خلال المعلومات التي يتضمنها الطلب الذي ت تقدم به جمعية مدنية معينة يتم الشروع في إجراء بحث إداري والذي تبدي من خالله السلطة إلادارية المحلية بموقفها الوضاح والصريح بشأن المسطرة المتخذة في هذا السياق والذي يوجه إلى ألامانة العامة للحكومة قصد ات خاذ قرار الترخيص من عدمه.
عند توصل ألامانة العامة بطلب ترخيص التماس إلاحسان العمومي سواء المرفوع اليها مباشرة أو عن طريق السلطة إلادارية المحلية، يتم تحويله للجنة معدة لهذا الغرض من أجل الدراسة و إبداء الرأي على غرار الرأي الذي قدمه ممثل السلطة إلادارية المحلية، و تتكون هذه اللجنة من ممثلي السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، و السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، و السلطة الحكومية المكلفة بالصحة، و السلطةوالحكومية المكلفة بالاتصال، و عند دراسة هذه ال لجنة للملف يؤخذ بعين االعتبار الرأي الذي قدمته السلطة إلادارية المحلية المختصة، و بعد ذل ك تبدي اللجنة برأيها و ترفعه لأمين العام للحكومة الذي يعمل بناء على رأي اللجنة باتخاذ قرار منح رخصة من عدمها.
وبمجرد اتخاد القرار من قبل الامين العام للحكومة، يتم تبليغ السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والمالية والاتصال بالقرار المتخذ، ونفس ألامر بالنسبة للوالي أو العامل الذي رفع طلب لألمانة العامة للحكومة، وذلك قصد تبليغ الجمعية، أو تبليغ مباشرة الشخص الذي تقدم أول يوم بطلب ترخيص ()الممثل المفوض للجمعية().
جدير بالذكر أن جل العاملين في جمعيات مدنية والذين يستغلون إلاحسان العمومي بهدف الكسب غير المشروع يعانون من العطالة وال مورد قار لهم مما يطرح عدة تساؤلات حول مصادر عيشهم ودواعي اختيارهم للاشتغال في ألانشطة ذات البعد الاجتماعي.