يونس لقطارني – أروى بريس
أيها المسؤولون القابعون على كراسيكم، كيف تنامون؟ كيف تغمض أجفانكم؟ فمن مسكينٍ ما استطاع تأمين أبسط حقوق أبنائه من خبز وزيت وطحين ، إلى موجوعٍ ضاق صدره ذرعًا فوضع حدًّا لحياته. وما بين المسكينين دموعٌ، وعويلٌ، ونحيبٌ، ووجعٌ، وألمٌ.
دموع أمهاتٍ فقدن فلذات أكبادهنّ، وصراخ أطفالٍ غاب عن حياتهم السّند والملجأ الآمن، ونحيب أرامل انطفأ ضوء حياتهنّ بانطفاء شريكهنّ، انطفأ في أرض الوطن التي يفترض بها أن تحضن لا أن تقتل.
يا أصحاب الموائد الفاخرة ، والأطعمة الدّسمة،والاجور الخيالية والسيارة الفاهرة والفيلات الغالية ،والتقاعدات الدائمة و المعاشات المليونية ، أخوكم في الوطن انتحر لأنه ما كان يملك ثمن الخبز والسكر .
يا أصحاب الجيوب المنتفخة،والكراشي المتدلية، والأموال المكدّسة فى بنوك بناما وسويسرا ودول اوروبية ، ابنكم في الوطن النازف، وضع حدًّا لحياته لأنّه لا يملك مبلغًا يسدّ عوز عائلته وأهله.
ابنكم المتألّم، حاول إحراق نفسه ليزيد لهب النار المشتعلة في داخله علّ مشاكله وهمومه تنطفئ.
ابنكم حاول أن يرمي بنفسه من مكانٍ عالٍ علّه بسقوطه يرتفع إلى السّماء ويتخلّص من أعبائه.
كلهم اصبحوا، شهداء بسبب أولئك الذين استشهد ضميرهم وانتحرت قلوبهم وأعميت أعينهم. شهداء وطنٍ لا يرحم أبناءه، ولا يقدّم لهم الا الذّل وهم يحاولون الارتماء في حضنه فيضمهم ترابه.
أيها المسؤولون، أين أنتم؟ أين تعيشون؟ هل أنتم من كوكبنا؟ام من كوكب المريخ؟ هل تعلمون ما يجري بسببكم؟ هل حاولتم إصلاح أي شيء؟ أم أنكم تزيدون الأمر سوءًا، وتصبون زيت الحقد اللامبالاة فوق نار العوز فيتأجج الشعب جوعًا وفقرًا.
أيها المسؤولون، ليتكم تصبحون من هذا الشعب الكريم ، ليتكم تتنازلون عن كراسيكم المرصعة بجواهر أعمت قلوبكم وأعينكم، ليت ضمائركم تستفيق من غيبوبتها، وتعودون إلى رشدكم وصوابكم لتنهضوا بهذا الوطن، تحت مسمّى (بلد واحد لأبنائه جميعهم) لا للأغنياء فقط. إنه ليس ملككم، فالطّيبة فيه لا تشبهكم، والجود المتمثّل في أبنائه بعيد عنكم، والكرامة المعمّدة بدماء التضحية لا تمت إليكم بصلة.
أيها المسؤولون، تنازلوا عن كراسيكم لأنها باقية هنا، في هذه الدّنيا الفانية؛ ولن تأخذوا ثرواتكم ولا اموالكم معكم فلن تحملوا سوى خطاياكم التي اقترفتموها بحق الوطن والمواطن.
أيها المسؤولون، عوا مسؤولياتكم أمام الشعب الموجوع، الفقير.
أيها المسؤولون، انهضوا بوطنكم وبأبنائه علّكم تستطيعون إنقاذ ما تبقّى من بشرٍ وحجر. كونوا لمرّةٍ واحدةٍ اسماً على مسمّى، كونوا مسؤولون .
ايها المسؤولون، انظروا إلى الشعب المسكين الذي يحتضر طبطبوا على من طالتهم الخسائر، داووا أوجاع الأرامل والأيتام، ونالوا رضى الأمهات الكئيبات.
فالويل لكم من لعنة أمٍ ثكلى. والويل والثغور لكم من وطن أثكلتم أمّه.