يونس لقطارني – أروى بريس
تُفاقم طبيعة الأحداث التي يشهدها العالم و المنطقة والمرحلة بكافة تفاصيلها، من اضطرابات أمنية واقتصادية وتغيير مناخي والتلوث البيئي وجائحة كورونا و الحرب الروسية وغيرها، من مشاكل الأمن الغذائي ليجعل تحقيقه أولوية، تتقدّم على أي جوانب أخرى، وضرورة وضع خطط وبرامج عملية لتحقيقه وجعله حاضرا بصورة حقيقية وبأبعاد حيوية يمكن وضعها حيّز التنفيذ، قبل أن نجد أنفسنا كما كثير من الدول أمام أزمة حقيقية بهذا الجانب.
ولقد منح جلالة الملك محمد السادس تطوير الاقتصاد الوطني وتحسين معيشة ابناء شعبه، أولوية كبيرة، ووضعهما بمقدمة اهتماماته اليومية.
وسند جلالة الملك البلاد خلال جائحة كورونا من خلال متابعته المباشرة للشأن الاقتصادي وتركيزه على ضرورة ادامة عجلة الإنتاج وانسياب السلع للمملكة لسد احتياجات المواطنين، الى جانب الاهتمام بتحقيق الأمن الغذائي ودعم المخزون الاستراتيجي من السلع الاساسية والغذائية المطلوبة والاعتماد على الذات.
ووجه جلالة الملك في خطاباته السامية، الى وضع رؤية جديدة للاقتصاد الوطني للسنوات المقبلة، تكون عابرة للحكومات، لاستكمال ما تم بناؤه منذ توليه مقاليد الحكم، والتي ركزت على تنويع الاقتصاد و تحريره و دمجة بالعالمية.
وأشار جلالته إلى أنه سيتابع تنفيذ هذه الرؤية، لتشكل بما تتضمنه من خطط وبرامج تنموية ، المرتكز الأساسي لكتب التكليف للحكومات، وبما يضمن الاستمرارية في الإنجاز للحكومات والمسؤولين والحيلولة دون إعادة صياغة الخطط والاستراتيجيات كلما حلت حكومة محل أخرى.
ووجه جلالته الحكومة لوضع الخطط والبرامج لدعم القطاعات الواعدة التي تشمل السياحة والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة، مؤكدا ضرورة القيام بكل ما هو ممكن لتطوير جميع القطاعات ليعود المغرب وجهة رئيسة في المنطقة، إضافة إلى فتح أوسع الآفاق للشباب الرياديين واحتضان صناعات المستقبل.
ودق جلالته، أجراس الإصلاح الاقتصادي من كل أبوابه، منذ توليه عرش اسلافه المنعمين ، حيث حرص في رؤيته السامية على بناء اقتصاد وطني حر ورفع مستوى معيشة المغاربة، موجها الحكومات المتعاقبة بذلك على مدى عقدين من الزمن.
ولطالما أكد جلالته في كل المحافل المحلية والعربية والإقليمية، وفي جل خطاباته ورسائله على ضرورة تبني سياسة اقتصادية تحررية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول ، والقضاء على البطالة والفقر، واستقطاب الاستثمار.
وأكد جلالته في خطاباته أن التحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، يهدفان إلى تحقيق التعافي من الظروف التي فرضتها أزمة كورونا و الحرب على أوكرانيا ، وبناء أسس راسخة لشراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، لإقامة استثمارات توفر فرص العمل وتحفز النمو، والاستفادة من القطاعات الواعدة والطاقات البشرية المؤهلة.
ودعا جلالة الملك الحكومة إلى تكريس الجهود لتحقيق التعافي الاقتصادي من خلال برامج واضحة بأطر زمنية محددة تتضمن خطوات قابلة للقياس والتقييم والمتابعة، ويكون لها أثر ملموس في الحد من التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الجائحة وعن الحرب الروسية وتحفيز النمو وزيادة التنافسية للقطاعات الانتاجية.
وشدد على ضرورة الاستمرار في تعزيز نهج الاعتماد على الذات، من خلال تمكين الموارد البشرية الواعدة، وتزويدها بعلوم ومهارات مهنية وتقنية ترفع من ميزتها التنافسية، والاستثمار الأمثل في الموارد المتاحة والاستفادة من الفرص المتوفرة في كل القطاعات، وكذلك الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية بهدف تحقيق النمو الشامل والمستدام، وبما يدعم بيئة الأعمال وتنافسية المغرب إقليميا وعالميا.
وقال إنه “رغم تداعيات أزمة كورونا، إلا أنها أظهرت مكامن قوة و فرصا واعدة في قطاعات عدة، خصوصا الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية، التي يجب استثمارها وفق نهج مؤسسي قابل للتنفيذ، لتحديد الفرص المتاحة، وبما يوفر فرص العمل ويمكن المغرب من لعب دور مهم كمركز إقليمي في المنطقة”ودعا الحكومة إلى مواصلة النهوض بالقطاع الزراعي وتنظيمه وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة لتطوير وتنويع إنتاجيته وفتح أسواق تصديرية جديدة، وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة.
ودعا إلى هيكلة قطاع الطاقة بما ينعكس على زيادة كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات كافة، وخفض كلفها على الاقتصاد الوطني، وتطوير منظومة القطاع لضمان أمن التزود بالطاقة وزيادة الاعتماد على المصادر المحلية، بالإضافة إلى الإسراع في تحسين وتفعيل منظومة النقل العام المستدام وزيادة كفاءة وسائل النقل العام، من خلال توظيف التكنولوجيا واستخدام الطاقة المتجددة والحلول الذكية وبناء قدرات العاملين بهذا القطاع، لما لذلك من أثر كبير في زيادة إقبال المرأة والشباب على العمل.
ولم يغفل جلالته عن الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ إذ عدها من دعائم الاقتصاد الوطني، موجها لتصميم برامج لتمكينها، بالإضافة إلى أهمية تذليل العقبات أمام الاستثمار الوطني والأجنبي، والمضي قدما في جذب الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية الكبرى، وإنجاز مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق التنمية في مختلف مناطق المملكة، وتطوير الجهاز الإداري للدولة، وإعداد الموازنة إعدادا واقعيا.
وأطلق جلالته استنادا لرؤيته الحكيمة عبر عقدين من الزمن، سلسلة من الخطط الاستراتيجية والبرامج التنموية ، لبناء مجتمع قوي تسوده روح العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام حقوق الإنسان، سمته المشاركة والإسهام في البناء، وغاياته أن يكون نموذجا متقدما وقياديا في المنطقة.